التعليم وتقنيات التعليم

تسليط الضوء على أهمية التعليم الاستقصائي كمنهج يحفّز عقلية التلاميذ على التأمل والبحث وربط الظواهر العلمية ببيئتهم المحلية، مؤكداً أن هذا النهج يسهم في بناء أجيال قادرة على الإبداع وتطويع البحث العلمي لخدمة المجتمع السوداني بتنوعه الثقافي والبيئي.

التفكير والتأمل صفة أساسية عند البشر وتتركز لدى الشباب صغار السن والأطفال بصورة خاصة في شكل تأملات وتساؤلات وشغف , وتتطور مع تقدمهم في العمر وفقاً لمعطيات كثيرة على رأسها البيئة المحيطة وتوفر البيئة التعليمية المساندة. في العملية التعليمية تركز المناهج الدراسية بصورة خاصة على تحفيز عقلية الطفل وقيادته نحو التأمل والتفكير في الظواهر المختلفة التي تلاقيه في كافة مناشط الحياة وتحاول من خلال المناهج والمعلم المدرب ان تحفز التلميذ على إستقصاء الحقائق وتحليلها وربطها منطقياً بمشاهداته اليومية في أبسط صورة تناسب عمره وبيئته إذ يرتبط نهج التعليم الإستقصائي على البيئة المحيطة بالتلميذ بصورة مباشرة. التعليم الإستقصائي هو منهجية تحفز التلميذ في أن يتفاعل مع حوله من ظواهر في البيئة التي يعيش فيها فمثلاً يحب التلاميذ التعرف على الحياة البيولوجية وخاصة حياة الحيوانات والحشرات التي تعيش في منطقته وكذلك البكتريا والطحالب وغيرها حيث يشاهدها بصورة دائمة من حوله وهنا يأتي دور المعلم والمنهج الدراسي لربط هذه المشاهدات مع الحقائق العلمية من حيث مناطق التواجد ودرجة الحرارة ونوعية التربة وعناصر البيئة وقابلية التواصل مع البشر او العكس وبصورة عامة فإن التلميذ بالفطرة يعرف أن الطحالب تعيش في المناطق التي يكون فيها الماء مكونا أساسياً مثل البِرَك الصغيرة والمياه الراكدة وغيرها، بينما تعيش الضفادع في البرك المائية وفي فصول معينة من السنة ويعرف بالفطرة والمراقبة مواعيد وطريقة تكاثرها ويعرف العناصر الأساسية للتصنيف مثل الزواحف والبرمائيات والحشرات ويعرف كيف وأين تعيش الحيوانات الأليفة والمستوحشة في البيئة المنزلية والبيئة التي تحيط به من غابات ووديان وانهار وسهول وغيرها وهكذا. كذلك في بعض او معظم مناطق السودان تُروى القصص والأساطير عن النجوم والكواكب والقمر ومواقعها وحركتها خلال العام وجزء من ثقافات هذه المجتمعات هي تأمل السماء والإستشهاد ببعض الظواهر الفلكية في نواحي كثيرة في الحياة مثل إرتباط المواسم بالزراعة والحركة في المناطق البعيدة والسفر وغيرها مما يشكل فرصة جيدة لربط هذه المشاهدات مع الحقائق العلمية وتقديمها للتلميذ وفقاً للحقائق العلمية التي يدرسها في المقررات مثل مقرر الفلك والفضاء والحركة الدائرية وحركة الكواكب وقوانين كلبر وغيرها. وهنالك العديد من الأمثلة في الظواهر الطبيعية المرتبطة بالمجتمعات والتي يمكن التوفيق بينها وبين العلوم والمقررات مما يؤثر إيجابيا في تعاطي التلميذ لهذه الدروس والمناهج الدراسية والتفاعل معها. هنالك مناهج قياسية عالمية أبرزها منهجية تدريس العلوم بالإعتماد على الإستقصاء Inquiry Based Science Education (IBSE) وهو منهج معتمد في السودان شاركت المبادرة السودانية لنشر وتبسيط العلوم ( STEM SUDAN ) في العديد من المشاريع المتعلقة بهذا المنحى وبمشاركة من وزارة التربية والتعليم وبدعم من اليونسكو حيث تم تدريب دفعتين في عدد من الولايات على هذه المنهجية وتم تدريب دفعة من معلمي المرحلة الثانوية في ولاية الخرطوم في شكل تدريب مدربين ToT ليكونوا نواة لتدريب أكبر عدد من مُدرسّي العلوم في المدارس الثانوية والمساهمة في تطوير منهج يتناسب مع السودان بتنوعه الثقافي والبيئي وتتبناه وزارة التربية في خطة زمنية مناسبة وتدريجية في المقررات الدراسية في كل المراحل المدرسية, إلا أن المشروع توقف في 2023 بسب الحرب وعوامل أخرى سبقت الحرب. إستصحاب سلوك التلاميذ وشغفهم تجاه الإستكشاف والتقصي عنصر هام جداً في العملية التعليمية يساهم قطعاً في تطوير مناهج ومقررات دراسية يُخطط لها بحيث تراعي التنوع الإثني والجيوغرافي والبيئي في المجتمعات المختلفة وحتما سيشكل هذا النهج محوراً أساسياً في بناء أجيال قادرة على تطوير منظومات البحث العلمي وتطويع البحث العلمي لخدمة قضايا وتحديات المجتمع . الكاتب: حسن احمد الحاج بابا المحرر: امين ادم حسن المصدر: مجموعة الباحثين السودانين بالفيس بوك

You've successfully subscribed to Sudanese Researchers Foundation
Great! Next, complete checkout to get full access to all premium content.
Error! Could not sign up. invalid link.
Welcome back! You've successfully signed in.
Error! Could not sign in. Please try again.
Success! Your account is fully activated, you now have access to all content.
Error! Stripe checkout failed.
Success! Your billing info is updated.
Error! Billing info update failed.