التعلّم ليس سباق سرعة، بل بناء طابق فوق طابق. زي كل سنة بعد إعلان نتيجة الشهادة، بنشوف نفس المشهد, ناس جابت تسعينات وفرحانة، وناس جتهدت بكل طاقتها لكن درجاتها ما فتحت ليها المجالات الـ كانت بتحلم بيها. ورغم الظروف الصعبة البتمر بيها البلد والضغوطات البعيشها الطلاب، في سؤال دايمًا بيخطر في بالي ليه في ناس مهما إجتهدت ما بتحرز درجات عالية؟ وليه في ناس بتطلع من الإمتحان متوقعة نسبة كبيرة، لكن بتتفاجأ بالعكس؟ مش المفروض الزول يكون عندو تصور قريب من نتيجتو، ما يتفاجأ بيها ؟! المشكلة وين بالضبط في إمتحان الشهادة؟ أنا شايف أغلب الطلبة بيجتهدوا بصورة كبيرة جدًا في ثالثة ثانوي، لكن النتيجة أحيانًا ما بتكون على قدر التعب. ومن تجربتي وملاحظتي، الموضوع ما بس مسألة ذكاء ولا إجتهاد في آخر سنة. في زملاء كانوا بيسهروا الليل وبيحضروا دروس خصوصية، وبرضو درجاتهم ما كانت متوقعة، وفي ناس بتقرأ آخر شهرين بتحرز نسبة عالية. الإشكال الحقيقي في رأيي اللي ما منتبهين ليهو إنو الدراسة دي ما بتبدأ في ثالثة، هي تراكم من أولى وثانية ثانوي، بل حتى من الأساس. الأساتذة من الأساس بقولوا لينا إنو الذاكرة والفهم التراكمي هما الأساس في التعليم خاصة المواد العلمية. في دراسات بتأكد إنو العقل ما بيخزن المعلومة الجديدة كويس إلا لو كانت مربوطة بمعلومة قديمة. وده معناهو ببساطة، إنو لو ما فاهم الأساس، صعب جدًا تستوعب التعقيد المبني عليهو. يعني مثلًا: لو ما كنت فاهم تركيب الذرة في كيمياء أولى، كيف حتفهم الروابط والتفاعلات في ثالثة؟ ولو أساسك في الكسور والنِسب ضعيف، حتتعذب في الرياضيات عموماً الإجتهاد مهم جدًا، بس لازم يكون مبني على أرضية قوية، زي ما المهندس ما ببني عمارة على رمل، الطالب برضو ما ببني نجاح على أساس ضعيف. في خطأ كبير بيقع فيه كتير من الطلاب، إنهم في الإجازة ممكن يدخلوا مخيم دراسي ويركزوا على الدروس الجديدة في ثالثة، وبنسوا المواد القديمة اللي أساسهم فيها ضعيف، وده زي الزول العندو خرم في مركب وشغال يجدف قبل يعالج المشكلة. التركيز على الأساسيات هو المفتاح الحقيقي للتميز ولو الزمن رجع، كنت بقول لأي طالب في أولى وثانية: راجع دروسك أول بأول، خت أساسك صح، وما تنتظر ثالثة عشان تبدأ الجدية لأنو إذا اجتهدت مسبقاً صدقني في تالتة ما حتتعب أبداً. Cumulative Learning ودا التعلم التراكمي يعني إنو المعلومة الجديدة بتبني فوق القديمة. وعشان كدا في ناس بتفهم بسرعة، مش لأنهم أذكى، لكن لأنهم عندهم أرضية جاهزة تربط ليهم بين المفاهيم. وفي النهاية، ما في زول "غبي" أو "ذكي مطلق"، لكن في زول عندو أساس متين. وزول حاول يبني قبل ما يثبت القاعدة.
الكاتب: احمد عمر محمد
تحرير: امين ادم
المصدر: مجموعة الباحثين السودانين بالفيس بوك